غيبوبتي ..
أستيقظت من نومي .. انظر في ساعتي انها السادسه ... لالالا ليست السادسه
صباحا ً .. لا تسىء فهمي .. انها السادسه مساءا ً .. بدأت استيقظ متكاسلا ً.. فتحت شباك غرفتي ليدخل بعض الهواء اليها .. ولعلي اري الشمس التي غابت عن
ناظري لـ اسبوعين .. فالمره الاخيره التي رأيتها عندما ايقظني أبي لصلاه الجمعه من
اسبوعين .. اما الجمعه السابقه فلم اصليها بالمسجد .. لأنني نسيت ان اضبط منبهي كي
أستيقظ لـ صلاتها .. !!
غسلت وجهي .. وبدأت أبحث عن طعام افطر به .. فلم اجد شيئا ً ..
مما دفعني لنسي الإفطار .. وجلست ُ علي الانترنت أتفقد رسائل اصدقائي ..
ذاك اليوم الذي وجدتُ به عدة رسائل .. تحمل عناوين متشابهه .. مثل ليه كده
يا ابني حرام عليك .. وانت مجنون يا اسلام ولا ايه .. واخرى هايله واحساس عالي ..
فاكتشفت بعد ذلك انهم يبدون ملاحظاتهم لي عن قصتي الاخيره التي نشرتها لهم "
يوم وفاتي " ويلوموني لاني تخيلت نفسي ميتا ً في القصه .. حتي وجدت ُ من
بالغت وقال أبكيتني كثيرا ً .. مما جعلني اضحك واقول لها بعفويه ".. وفري
دموعك عليا لما اموت بجد .. !! "
بدأ الجوع يعود مره اخرى .. وكان لابد ان اخرج .. لـ اشتري طعام
تبأ للجوع .. وبدأت اتسأل " ليه ربنا ما خلناش نعيش من غير أكل "
.. !!
ولكني بعد ذلك عندما فكرت .. !! أكتشفت انه لولا الاكل لعاش الكثير
بدون عمل ولا هدف في الحياه .. و زاد عدد الكسالى امثألي وتضاعف ..
ولكن الله دائما ما يحسنا علي العمل .. والسعي وراء الرزق .. !!
ذاك كان سؤالي .. وتلك كانت اجابتي .. علي نفسي .. !!
دخلت للحمام مره اخري لـ أنظر الي نفسي قبل ان انزل الي الشارع الذي لم
تطآه قدمي منذ اسبوع تقريبا ً .. فوجدت لحيتي كبرت .. وشعري أجعد !!
وحالتي يرث لها .. فكرهت النزول الي الشارع .. !! وبدأت اجلس لدقائق ..
فتحت التلفاز بحثا عن شيئا ً جديد .. فوجدت مظاهرات ومليونيات .. فسرعان ما
اغلقت التلفاز مره اخري .. صائحا ً " يوووووووه ... !!
فلقد اغلقت الانترنت .. هربا ً من تلك الصراعات .. ولطالما كرهت شعبي ..
ذاك الشعب الذي تمنيت من جميع افراده ان يقرأ قصتي " يوم وفاتي "
.. متخيلا ً نفسه مكاني في البطوله متخيلا كل شىء يدور حوله وانه سيترك كل شىء
ويرحل .. !!
ربما لو قرأ احدهم القصه لاصبح يمتلك قناعه تجعله يرفض منصب رئيس جمهوريه
..
مثلي فانا لا ارضي لـ أكون رئيس لتلك البلد من الاساس .. !!
فشعبها مشتت بين جاهل ويعلم انه جاهل .. وبين جاهل لا يعلم انه جاهل ..
ولكني ما اعلمه جيدا ً .. ان كلاهما جاهل .. !! معذره عزيزي القارى ْ لم
اقصد الاهانه لشخصكم المحترم .. ولكني أكتب ما رأيت بعيني .. !!
اااه يا بطني .. رجع الجوع تاني .. "ما بدهااااش بقي " المره دي
.. !!
دخلت تاني الحمام غسلت وشي للمره الثالثه .. وحاولت اسرح شعري .. !!
وغيرت هدومي .. ونزلت في الشارع .. بعد غياب دام اسبوع .. !!
كنت في فتره غيبوبتي .. !!
رأيت احد اصدقائي يسلم علي بحراره .. وكأنه كان يعتقد انني سافرت .. !!
وفعلا سألني انت كنت فين من مده مش ظاهر ليه .. ؟؟
مما جعلني اردد في سري " اسافر فين يا حمار انا مرمي في البيت بقالي
اسبوع "
قولتله والله موجود في البيت بس كنت تعبان شويه ما بنزلش .. !!
ببص حواليه لقيت المحلات بدأت تتقفل .. !! هو في ايه .. ؟؟
مصيبه ليكون الحكومه نفذت قرار غلق المحلات بدري ولا حاجه .. !!
ما احنا في زمن القرارت بقي .. !!
حسيت الجو غريب .. والدنيا فاضيه .. بصيت في موبايلي .. لقيت الساعه 12.30
يانهار ابيض .. !! ده كله مكنتش لسه فطرت .. !!
يخربيت الفيس والنت .. الوقت ضاع .. !!
ومشيت اشوف هفطر ايه في اليوم ده .. !! وبدأت احس ان المحلات بدأت تنطق
وتقولي " عيش زي البني أدمين بقي " .. قولتلها مالكيش دعوه ..
ومشيت ادور علي محلات اكل .. وبدأ جسمي يحس ببرد شديد .. صرخت في سري انت
فيييين يا صيف .. !! كان فيك حياه مش زي الشتاء .. هيدفنا بالحيا .. !!
وبلمح بطرف عيني لقيت محل حواوشي .. قولت الحمد لله يبقي كده هفطر ..
ووقفت جنب الراجل والريحه قلبت بطني .. !! مع اني وقتها لو كنت طلت رغيف
الحواوشي كنت أكلته لو حتي متلج .. !!
بس كنت ماسك نفسي .. وعمال ابص
للرغيفين وهما علي الفحم ..
والريحه تفوح .. وانا أبلع في ريقي .. وبعد يجي ساعه علي ما قعد يعذب رغفين
الحواوشي علي الفحم .. ويعذبني جنبه بريحتهم .. حن قلبه اخيرا ً وقرر الافراج عن
الرغيفين .. خدتهم وجريت علي البيت .. !!
المهم أكلتهم الحمد لله .. وحسيت ان الجوع ده حاجه وحشه بشكل .. عملت
كوبايه شاي وقولت نفتح نشوف البيدج بقي .. !! ده انا حتي بقالي يجي نص ساعه
ما فتحتهاش .. !!
عملت كوبايه الشاي وجيت .. بس كنت كاره نفسي اوي .. معرفش ليه .. ومتضايق من غير سبب .. يعني كل يوم شات شات .. رغي علي الفاضي ..
ورجعت اكلم نفسي وايه الحل .. !! هفضل في الغيبوبه لـ امتى .. ؟؟
شغل وكنت مواظب وملتزم .. وكنا تمام .. قالوا ثوره وما ثوراش قلنا ربنا يستر
علي الشباب اللي طالع جديد .. !! هيلاقي شغل ازاي .. !!
بس مكنتش عامل حسابي انهم يستغنوا عن خدماتنا احنا .. وان انا اترمي كده
وحالي يتلخبط .. يلا بقي بلاش اتكلم معاكم في السياسه .. ولا الشغل بتاعي لحسن لو
فتحت كلام عن الشغل والحياه مش بعيد الاقي بنات بعتالي ليه كده خلتني منهاره طول
الليل الطم واصوت .. !! هههههههههههه
فـ حفاظا ً مني علي مشاعر البنات انا هكتفي بالسكات .. !!
وهحاول تكون دي اخر قصه حزينه ليا واوعدك بالقصص الي ايه تكون فيها كوميديا
.. بس امتي الله اعلم .. بس ياريت .. اكون فوقت من غيبوبتي .. !! اللي معرفش
هتنتهي امتى .. علشان ااقدر اكتب قصص تضحك .. وتخرجكم من كابوس السياسه اللي خلاص
خلانا نخاف ننام بسببه .. !!
زمان كنت انام احلم ببنت زي القمر نايمه في حضني .. دلوقتي بقيت انام احلم
بمرسي .. او شفيق او حمدين .. واخيرا ً الوضع اتطور بقيت احلم بالشهداء .. !! اعمل
ايه ما انا بردو معذور .. !!
بس برغم كل ده في حاجات بتفرحني .. وعندي شويه أمل في بكره
يمكن ساعات بقول بضحك علي نفسي .. وبكره اللي بنحلم بيه مش جاي .. وهنفوق
علي كابوس .. بس نرجع ونقول احنا بردو مسلمين الحمد لله ودينا دين التفائل كله ..
ولو معشناش الايام الوحشه .. يبقي مش هنعرف قيمه الايام الحلوه وقت ما تيجي .. ولو
مجتش الايام الحلوه .. يكفني انتظار حلوتها .. والاستمتاع بانتظارها .. !
وبعد يومين ..
اتصل واحد قريبي وقالي لقيتلك شغل .. قولت الحمد لله شكل الغيبوبه انتهت ..
واخدت العنوان وقلت اروح اشوف الدنيا فيها ايه .. وحلقت ذقني وظبت شعري ولبست
واتشيكت وخرجت من البيت الساعه 8.00 صباحا ً .. طبعا كنت صاحي من قبلها بيوم ..
لاني بعرف اسهر كويس لكن صعب اصحي بدري ..
وركبت الميني باص .. وكـ عادتي قعدت جنبك الشباك .. اراقب الناس وشوف
احوالهم .. خصوصا ً ان بقالي فتره مكنتش بخرج من البيت .. كنت براقب وشوش الناس ,,
وتحس ان لكل وش قصه وحكايه .. تلاقي وش مبسوط هيطير من الفرح ( نادر جدا ً) وتلاقي
وش مكتئب وتحس انه قرفان من اللي حوليه ومن نفسه قبلهم ( ما اكثرهم ) .. بس اللي
لفت انتباهي بنات شوفتها ماشيين من غير بناطيل .. استغربت اوي بس لما دققت اوي
بعيني لقتهم لابسين بناطيل بس البناطيل من كتر ما هي ضيقه خدت شكل جسمهم .. بمعني
ادق شفت أجسام علي شكل بناطيل جينز .. !!
الواحد صعب عليه بنات بلده اوي .. ان عادي ممكن اشوف اجانب ماشيين بهدوم من
غير هدوم .. بس هما اخلاقهم كده .. لكن احنا المصريين ليه بقت اخلاقنا كده .. علي
فكره انا وحش بردو .. يعني لا شيخ ولا ملتزم .. ومش بكلمهم من باب الدين .. لانهم
ممكن يكونوا مسيحيين .. انا بكلمهم من باب الاصول احنا كمصريين مش كده .. الفيزون
مش بتاعنا .. كان مزاجي زي الزفت .. وقلت لنفسي ده انا غيبوبتي كانت أرحم ... !!!
المهم وانا سرحان والهاند فيري في وداني بسمع الراديو .. لقيت اللي جنبي
خبطني وقالي هنا الكليه الحربيه اللي انت عايزها ..
خلعت السماعات .. وقولتله شكرا ً ونزلت .. دخلت الاستعلامات قولتلهم انا
بكالريوس تجاره .. قالوا مش عايزين .. !!
يعني امشي في طريق ساعتين مواصلات .. علشان " مش عايزين بكالريوسات
تجاره " المهم ضحكت ومشيت .. بس مش هكدب لو قلت ضحكه صفرا .. لان الواحد لما
بيقعد في البيت كل اللي حواليه بيقولوا انت مش عايز تشتغل .. وانت حابب تقعد في
البيت .. وركبت اول عربيه بتقول " رمسيس " ورجعت تاني ااقعد جنب الشباك
.. اتأمل الوشوش واديني حتي اتفسحت في الطريق " طبعا بصبر نفسي بـ أي كلام
" ووقفت العربيه في اشاره وجت عيني علي بنت شكلها يقول في ثانوي وهربانه من
مدرستها مع شاب يدوب شنبه خط اسود بدأ يظهر تحت " مناخيره " .. وهو ماسك
سجاره في ايديه .. وهي عماله تتلفت حواليها زي الحراميه .. خايفه حد من قريبها
يشوفها .. فضلت ابص عليهم وطولت النظر .. شويه ولقيته مسك ايديها .. لكن هي سحبت
ايديها بسرعه وضحكت .. بدأ الاشاره تفتح .. والعربيه تمشي .. بس فضلت افكر في
البنت والولد دول .. وبدأت افكر مين اللي غلط .. الشاب ..؟؟ طيب ماهو معذور لما
يلاقي اصحابه بيقولوا علي الشاب اللي بيمشي مع بنات انه مميز .. واللي ما يعرفش
بنات يتقال عليه عبيط واهبل .. !! اه والله بتحصل .. !! والسجاره هل هي فعلا معني
للرجوله .. !!
فرجعت بالذاكره افتكرت يوم كنت سهران في الشغل بستلم معدات جايه .. وكان
الجو برد .. فنادى عليه الغفير .. قالي تعالي اشرب الشاب يا استاذ اسلام معانا ..
وكانوا اتنين غفر ومولعين خشب .. وبيعملوا شاي علي النار .. والصراحه انا بحب الشاي
ده اللي مش بيتشرب غير في بلاد الاريف .. ده قبل ما " الترمس " يغزو
الارياف المصريه .. وخلاص المدنيه دخلت البيوت والناس اتمدنت .. المهم علشان ما
اطولش عليكم لاني ان شاء الله حابب اعمل كتاب خاص عن الريف المصري من عشر سنين
فاتوا ازاي اتغير تغيير كامل في اخر 10 سنوات بس .. !! وازاي الناس اتغيرت .. !!
المهم نرجع لموضوعنا الولد والبنت اللي شفتهم وانا راكب العربيه .. والغفير
اللي رحت ااقعد معاه علشان اشرب الشاي .. طلع لي سجاره وقالي اتفضل يا استاذ اسلام
" سجاره " قولتله والله انا مش بدخن .. ضحك وبص للغفير اللي معاه وقاله
شكل استاذ اسلام بيخاف علي صحته .. !!
رد الغفير التاني وقالي .. تعرف ان ابنه محمد عنده 6 سنين وبيشرب سجاير (
قاصد ابن الغفير التاني ) قولتله حرام عليك ازاي تعمل في ابنك كده .. !!
قالي علشان يبقي راجل .. قولتله وايه علاقه السجاير بالرجوله .. !!
قالي بيبقي عايز "سجاره"
بقوله معيش فلوس .. يقوم يتصرف من صغره علشان يقدر يوفر سجايره .. طبعا هو بيتكلم
جد .. وانا كنت مختلف معاه تماما ً .. ومش حابب اطول عليكم في الحكايه دي بس لاننا
قعدنا 3 ساعات نحكي في الموضوع ده معاهم بس الحمد لله في الاخر اقتنعوا بكلامي ..
المهم نرجع لموضوعنا بقي .. !!
ساعتها فكرت ان المراهق ده ممكن يكون ضحيه أب مستهتر معرفش يربي .. بس ده
مش مبرر بردو .. !!
لان ممكن تلاقي نفس الاب ليه ابن كويس وابن وحش مع ان التربيه واحده .. !!!
ويمكن يكون ابوه متوفي اصلا .. !! بس كل دي مبررات سخيفه .. ولكنها احيانا بتنتهي
مع الوقت والشاب بيكبر وبتكون مرحله المراهقه انتهت بحلوها ومرها .. !!
والبنت مصيبتها مصيبتين .. لان البنات زي العربيات بالضبط فيه البنت الملاكي
وفي البنات اللي زي الميكروباص .. !!
الواحد لما مش بيكون معاه فلوس يشتري ملاكي بيركب الميكروباص نظرا ً لرخص سعره .. بس ركابه كتير .. وما بنصدق نخلص منه مع اول عربيه ملاكـي .. بنحافظ
عليها وبنهتم بيها .. بعكس لما بنركب ميكروباص بنقطع فيه زي ما احنا عايزين لاننا شويه
ونازلين .. وهنركب غيره .. !!
أعتقد ان اي بنت تقرا الكلمتين اللي فوق دول .. عمرها ما تقبل انها تكون ميكروباص
رخيص .. !!!
وهنا كانت نهايه الميني باص اللي انا ركبه .. ونزلت اكمل بص في وشوش الناس ..
واشوف قصص وحكايات .. مستخبيه ورا عين كل واحد منهمـ .. !!
الكاتب / اسلام سامي
29نوفمبر 2012
رهيبة لانها بتحكي اللى بيحصل بواقعية :)
ردحذفميرسي يا ريم كلك ذوق :]
حذف